IMADZZ الادارة العامة
آخر مواضيع العضو : اسم متصفحك : الصفة : الادارة العليا للمنتدى - مؤسس الموقع الهواية : الدولة : أوسمة العضو : عدد المساهمات : 1868 نقاط العضو : 4609 العمر : 27 المهنة : التعليم
| موضوع: الطاغية يختبئ مثل الجرذان الأربعاء 24 أغسطس 2011 - 15:11 | |
|
توفيق بوعشرين
النظام الذي بناه الدكتاتور القذافي في 42 سنة، أسقطه ثوار ليبيا في ستة أشهر، والعاصمة التي كان القذافي يظن أنها ستعصمه من الثوار وعلى أسوارها ستنتحر الجرذان، سقطت في يوم واحد، والكتائب التي كان مجنون ليبيا يشحنها بالمال والسلاح والخطب العنترية لقتل أبناء وطنه، هربت من حوله في ساعات، وتركته يواجه مصيره.
الربيع العربي قضى على أكبر دكتاتور عربي وعالمي. مساء الأحد الماضي، على بعد عشرة أيام من احتفال الطاغية بالذكرى الـ42 لجلوسه على كرسي الحكم، في ما سماه احتفالات الفاتح العظيم.. القذافي سيحيي ذكرى انقلابه على الملك السنوسي هذه السنة في زنزانة صغيرة قريبة من قاعة محاكمته أو برصاصة في الرأس ستخمد «علبة الشر»، في نفسه وعقله، إن كان له عقل أصلا.
السؤال المحير اليوم ليس كيف سقط القذافي وأبناؤه، ولكن كيف استطاع أن يمسك بالحكم لمدة 42 سنة في دولة بلا دستور ولا قانون ولا أحزاب ولا إعلام ولا مؤسسات. القذافي لم يكن دكتاتورا تقليديا، لقد كان «حالة» خاصة، مزيجا من جنون العظمة وقسوة البادية وعنف السلطة، وازدادت حالته تعقيدا ومتاهة عندما تصور نفسه مثقفا قريبا من أن يكون نبيا، فوضع «وحيه» في كتاب أخضر، ومعجزاته في نظام المؤتمرات الشعبية، وأعلن الكفر بالديمقراطية والقانون والمؤسسات، فصار أضحوكة العالم، ومادة للسخرية في الجرائد والمجلات والنكت الشعبية. كان الليبيون في الداخل والخارج يصبرون على «حماقاته» ودمويته، لكنهم يتألمون من صورة بلادهم في الخارج، حيث يقترن الحديث عن ليبيا والقذافي بحماقات الزعيم الذي يعلن الجهاد ضد سويسرا لأنها اعتقلت ابنه الذي اعتدى على خادميه (أحدهما مغربي والأخرى تونسية)، وينادي الرئيس الأمريكي بعبارة: «ابني حسين بوعمامة»، يقصد أوباما...
هذه أيام عيد في العالم العربي الذي تخلص من أحد أسوأ الأنظمة الدكتاتورية التي كانت تخفي بشاعات حكمها العائلي والقبلي خلف شعارات القومية العربية ووراء الدفاع عن إفريقيا، لكن الاحتفالات اليوم بسقوط طاغية طرابلس يجب ألا تنسي الليبيين والعرب والأفارقة الدرس الأهم من كل هذه الدراما التي خلقها القذافي وعائلته، ألا وهو الجواب عن السؤال الأكبر: كيف السبيل لمنع تكرار ما جرى؟ كيف يمكن تعقيم رحم الاستبداد العربي التي تلد أمثال بنعلي ومبارك والقذافي والأسد وعبد الله صالح والآخرين... سقط إلى الآن ثلاثة من أبناء هذه الرحم ومازال آخرون.. لكن البطن التي يخرج منها هذا النمط من الحكام مازالت «ولودا»، وعلى المواطنين العرب أن يبتكروا دواء ناجعا لجعل هذه الرحم عاقرا، والدواء اليوم هو قهر الخوف من هذه الأنظمة في نفوس الناس، وتقديس حكم القانون والمؤسسات وشرائع الحكم الديمقراطي الرشيد. الدكتاتورية لا توجد في قمة السلطة فقط، بل هي موجودة كذلك في قاع المجتمع، لهذا يختبئ الحكام وراء ثقافة الاستبداد في مجتمعاتهم، فتارة يقفون وراء القومية، وتارة وراء الدين، وتارة وراء الجهاد ضد الاستعمار والغرب والكفار، وتارة وراء القبلية، وكلها مبررات لتصريف فائض السلطة والبطش وحب المال في نفوسهم الصغيرة، والنتيجة أن الشعب من يدفع الثمن من دمه وحريته واستقراره وتقدمه وكرامته بين الأمم. | |
|