تحية للجماهير المغربية .. ورسالة للجماهير العربية

ضربت الجماهير المغربية مثلاً في الروح الرياضية يجب أن تحتذي به جميع
الجماهير العربية في جميع ملاعبنا وفي ظل الظروف التي يعيشها عدد من
بلداننا العربية .. هذا المثل الذي نتمنى أن يكون مرجعاً لكل من شاهد هذه
اللحظات ومن لم يشاهدها ..

الدقيقة 90 من عمر مباراة الوداد المغربي والأهلي ضمن لقاءات دوري الأبطال
الأفريقي .. وفي وقت كان التعادل فيه هو سيد الموقف بين الفريقين ،وكان
الفريق البيضاوي في حاجة إلى هدف كي يحسم التأهل للدور قبل النهائي للبطولة
قبل الجولة الأخيرة ..

في هذا الوقت وفي ظل توتر الجميع وإحتراق الأعصاب قرر الجهاز الفني تبديل
النجم محمد أبو تريكة .. فلم يكن من جماهير المغرب .. نعم جماهير المغرب
لأنها هنا لا تمثل جماهير الوداد فقط .. إلا وأنها تنسى المباراة وتلقي
النتيجة وراء ظهرها ويدخل ملعب محمد الخامس بأكمله في حالة من التصفيق
الحاد للنجم المصري أبو تريكة وكأنه يلعب في ستاد القاهرة في مشهد لن يمحى
من الذاكرة ، والغريب إن هذه الجماهير لم تفعل ذلك أثناء تبديل أحد نجومها .

هذه الواقعة .. في الوقت الذي أكدت فيه على عظمة ووعى الجماهير المغربية
وروحها الرياضية الرائعة .. فإنها أكدت أيضا على أن اللاعب الخلوق سيبقى
معشوقاً من جماهيره ومن جماهير الفرق المنافسة مهما كانت طبيعة هذه
المنافسة ومهما كانت قيمتها أو الظروف التي تقام فيها.

وما قامت به الجماهير المغربية العظيمة يعد رسالة إلى كل نجم من نجومنا في
أن يتحلى بكافة الصفات التي تجعله محل تقدير للجميع بغض النظر عن فريقه أو
بلده ، وهذا الأمر لن ينعكس عليه فقط أثناء مسيرته للملاعب ، بل سيمتد إلى
ما بعد ذلك سواء استمر تحت الأضواء أو ابتعد عنها.

رسالة الجماهير المغربية لا يجب أن تتوقف عند هذا الحد ، بل إنها يجب أن
تصل إلى كل الجماهير العربية كي تحذو حذوها، خاصة وإننا عانينا كثيراً من
مرارة غياب الروح الرياضية بين الجماهير العربية في الكثير من المناسبات
التي لا داعي لذكرها ،والتي نغصت علينا الكثير من التجمعات العربية بين
الأشقاء.

ولعل هذه الرسالة التي تعد بمثابة نسمات هواء بارد وسط صيف شديد الحرارة
..تأتي في توقيت مثالي ونحن مقبلون على مواجهات عربية حاسمة في دوري أبطال
أفريقيا.. فالأهلي سيستضيف الترجي في القاهرة في مباراة حساسة للغاية ووسط
ظروف صعبة تمر بها مصر في الوقت الحالي وفي ظل خلفيات كثيرة من لقاء
الفريقين العام الماضي .. فإن جماهير الأهلي ستحمل بين أيديها أمانة كبيرة
لإيصال هذه المواجهة إلى بر الأمان مهما كانت النتيجة ولها في الجماهير
المغربية مثلاً رائعاً..

ويجب أن تتحمل جماهير الأهلي مسئوليتها التاريخية عن هذه المواجهة الصعبة
وأن تكون الروح الرياضية هي السائدة بين الجماهير في هذا اللقاء.. كما أن
جماهير الترجي التي ستحضر اللقاء سيكون عليها هى الأخرى جانب كبير من
المسئولية حتى لا يتكرر سيناريو العام الماضي.

ونفس الأمر سيكون بالنسبة لمواجهة المولودية الجزائري مع الوداد المغربي
والرجاء المغربي مع الهلال السوداني ،وإن كان هذين اللقاءين أقل سخونة من
مواجهة القاهرة على إعتبار أن المولودية و الرجاء لا أمل لهما في التأهل
للمربع الذهبي والمباراة بالنسبة لهما تحصيل حاصل.

كما أنها رسالة إلى كافة وسائل الإعلام والقنوات والبرامج الرياضية والتي
يجب أن تنتهز ما حدث كي تكون قاعدة تنطلق منها للتركيز على ما حملته هذه
الواقعة من قيم قد يبدو ظاهرها عادياً للبعض ، إلا أن في باطنها الكثير
والكثير من المعاني السامية ، ويجب أن تمارس هذه المنابر دورها التنويري
المنوط بها ، وأن تتخلى عن كل ما قد يعكر الصفو.

وفي النهاية .. تبقى الروح الرياضية والتنافس الشريف هما الأهم ، وليس معنى
الفوز ببطولة أنك ستظل فائزاً دوماً..كما أن الخسارة لن تكون نهاية
المطاف.

أيمن المهدي

» روني يعتذر للجماهير الإنجليزية
» تحية الى الحكم المتألق : .. محمد الحياني ..
» المدرسة المغربية ورهانات التنمية
» فراس: غياب الاحتراف سبب تراجع الكرة المغربية
» فراس: غياب الاحتراف سبب تراجع الكرة المغربية