منتديات الأستاذ الأفضل التعليمية المغربية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولصفحتنا على الفايسبوكدليل الشروق الجزائري



 

 الحب في زمن القروض

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد العزيز
مشرف
مشرف
عبد العزيز


الهواية : المطاعة
الدولة : المغرب
أوسمة العضو : المشرف المميز
ذكر عدد المساهمات : 194
نقاط العضو : 585
العمر : 28
المهنة : التعليم

الحب في زمن القروض Empty
مُساهمةموضوع: الحب في زمن القروض   الحب في زمن القروض I_icon_minitimeالأربعاء 24 نوفمبر 2010 - 0:02

الحب في زمن القروض Empty الحب في زمن القروض


لم يجرؤ تلك المرة على رفع عينيه ليراها رغم انه كان يستلذ بذلك كثيرا في السابق.
جلس أول مرة قبالتها على نفس الأريكة الوثيرة التي يجلس عليها الآن. وتابع حركاتها بانتباه شديد. وحين لسعتها نظراته، استرقت النظر إليه راسمة ابتسامة احتاج إلى وقت طويل كي يعي تعابيرها.
أصر ان تتولى هي تعبئة ملف قرضه الأول. إذ رفض أن يتوجه إلى مكتب آخر حين حان دوره.
تمطى على الأريكة الوثيرة ولم يرد عن سؤالها إلا بعد ان نظرت إليه. سلمها بنوع من الزهو أوراقه التي كان من ضمنها صورة لحوالة عذراء ذات أرقام محترمة.
تلك الوضعية شكلت له مصدر ثقة أكدتها ملامح الموظفة وهي تطالع البيانات. وأيضا الغرض من القرض الذي لم يكن بسبب تجنب ورطة أو البحث عن مخرج لأزمة. بل كان من اجل قضاء وقت جميل على شاطئ هادئ هربا من القيض الذي كان يصهر الأرواح. وأيضا اعتقاده أنه سريعا ما سيتمكن من تسديد الدين قبل حلول اوانه.
سألته الموظفة: كم حجم القرض الذي تنوي الحصول عليه؟
تباطأ في الإجابة. صمت وهو يخمن زاما شفتيه ثم قال لها: كم تقدرين أنه سيكفي لقضاء عطلة تمتد لشهر أو يزيد مع فتاة جميلة مثلك على شاطئ أو في منتجع جبلي بارد؟
ابتسمت و أحنت رأسها ولم ترد.
يخمن الآن أنها لم تثر في وجهه فقط لأنها غلبت مصلحتها على سخافات زبائنها. وأنها جعلت الأهم هو تعبئة أكبر قدر من الملفات للحصول على علاوة مهمة.
صمتها زاده تشجيعا للمضي في حديثه وقال:ياالله.. لم أكن لأصدق أن في وسط كهذا فتاة بهذا الجمال لا تزال تخجل.
ابتسمت مجددا وتجاهلت عبارات غزله وقالت: كم تريد؟
تهالك في الأريكة ومد رجليه إلى الأقاصي التي يمكن أن تصلها وأجاب: طيب. مادمت سأذهب وحيدا فأظن أن عشرة آلاف درهم تكفيني.
لم يغب طويلا. حاول حين عاد ثانية أن يقنع نفسه أن دافعه الحقيقي كان من اجل رؤيتها فقط. و أن ملفه الثاني لم يكن غير تغطية لذلك. وفي المرات التي أعقبت تلك، أكد انه أصبح مدمنا على رؤيتها. وكان ان فاتحته في النهاية.
لم يكن حبا ولا هياما. بل كان إشفاقا وعزاء. أفهمته أنه وصل الحد الذي لا يمكنه فيه الحصول على قروض جديدة بسبب تدني مستوى ماهيته. وأنها تأسف من اجله وتتفهم الظروف الحالكة التي هو مقدم عليها.
لم ينظر إليها. بل لم يشأ ان ينظر لأحد بعد ذلك. مد خطوات تائهة دون ان يكون قاصدا مكانا بعينه. وظل يسائل نفسه عن ما إذا كانت ورطته مجسدة فيها أم في السنين العسيرة التي هو مقبل عليها.
في أوج يقظته المتأخرة جدا حاول أن يلقي نظرة على المسار الذي قطعه بداية من أول قرض إلى أخر السلسلة. وجده وقتا قصير جدا. لكن أشياء كثيرة تغيرت أثناءه. بل وان التطور لم يطح بالأشخاص فقط، بل وغير حتى الأفكار. لاحظ ان كل ما تعلمه لم يعد صالحا. وانه اليوم من يفكر في صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر.على عكس ما علمته المردسة تماما.
انقضى زمن طويل لم يشاهد فيه في رحاب الوكالة. و في صبيحة يوم حار، شوهد في اسفل الشارع المفضي إليها عند باب مكتبة هناك. كان يتصنع الانشغال بتصفح الجرائد بينما كانت عينه لا تفارق بوابة الوكالة. لم يشا أن يكون أول الداخلين إليها مخافة ان يتحول إلى موضوع هزلي لدى الموظفين.
أثاره عنوان فعلا على صدر صحيفة منقول عن جريدة فرنسية يفيد ان غير قليل من مواطنيه يفضلون التحول للمسيحية او إلى ملاحدة. انتابته ضحكة وقال معلقا: يالها من مسافة. إنه لا يوازيها من حيث الشساعة سوى الفرق بين حالته في قرضه الأول وحالته في أخر قرض. ثم ما الذي سيتغير؟...أغبياء
شعر أن الوكالة قد غصت الآن بالزبائن.وان الموظفين الآن منهمكون في أشغالهم.
دخل. لم ينظر لأحد. طأطأ رأسه وظل بصره لا يفارق الأرض، ولم يخرجه من شروده إلا صوت العون الذي نبهه إلى ان دوره قد حان.
رفع رأسه ليجد انه يتوجب عليه التوجه إلى مكتبها حيث كانت تنظر إليه وتنتظره
تبا. كيف أغفل هذا الامر. كان يجب ان ياخذ الوضع في الحسبان.
جلس. لم ينظر إليها. سألته: ما الأمر؟
أفهمها انه يريد جدولة ديونه. ضحكت وقالت: أهو مسار آخر جديد؟
عقب: لقد تساوى كل شئ ولم يعد هناك جديد وقديم.
سجلت المعلومات على الحاسوب. وانطلقت آلة في زعيق حاد.صوتها العنيف جعله يشبهها بوحش أحس من خلال صريره أنه يمضغ عمره وشقاء وغرق السنين.
سألته الموظفة: أين ستقضي عطلة الصيف؟
تذكر أن ذلك كان اول سؤال طرحه عيلها حين حصل على القرض الاول.لم ينظر إليها. اجاب وهو ينهض: في الكريان.
من المجموعة القصصية أنفاس وهوامش
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحب في زمن القروض
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الحب والبترول ...! //نزار قباني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الأستاذ الأفضل التعليمية المغربية :: منتديات الابداع الفني والادبي وتعلم اللغات :: المنتدى الأدبي :: منتدى القصة القصيرة-
انتقل الى:  
E3LAN CHOROUK
منتدى الشروق الجزائري www.chourok.net/vb