hassan idrissi المراقب العام
آخر مواضيع العضو : اسم متصفحك : الصفة : مراقب عام - كاتب المنتدى الهواية : الدولة : أوسمة العضو : عدد المساهمات : 288 نقاط العضو : 795 العمر : 36 المهنة : أستاذ
| موضوع: القذافي المعزول أكثر خطورة الإثنين 29 أغسطس 2011 - 8:14 | |
| القذافي المعزول أكثر خطورة عبد الباري عطوان المساء : 28 - 08 - 2011
من المؤكد أن حكم العقيد معمر القذافي قد انتهى وربما إلى غير رجعة، بعد أكثر من أربعين عاما من الطغيان. ولكن معمر القذافي، كشخص وظاهرة وخطر، لم ينته. ولذلك من السابق لأوانه الإغراق في الاحتفالات أو المبالغة فيها، لأنه من الصعب التكهن بما يمكن أن تحمله الأيام والأشهر المقبلة من مفاجآت سارة أو مزعجة، فلا بد من التريث، ولا بد من الحذر في الوقت نفسه. لم يتوقع أحد أن ينهار حكم الرئيس المصري حسني مبارك بعد 19 يوما من اندلاع شرارة الثورة، ولم يخطر في بال أحد أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي سيهرب إلى المملكة العربية السعودية، مكب الديكتاتوريين، بعد أربعة أسابيع من استشهاد محمد البوعزيزي. بالعودة إلى الشأن الليبي، وفي السياق نفسه، نقول إن الحرب في ليبيا طالت أكثر من المتوقع (ستة أشهر)، وسقوط مدينة طرابلس العاصمة جاء أقصر وأسرع مما حلم به الكثيرون، سواء في غرف عمليات حلف الناتو العسكرية أو في أوساط رئيس وأعضاء المجلس الوطني الانتقالي الليبي في بنغازي. ليبيا تشهد الآن عملية تبادل سريع ومفاجئ للأدوار.. المعارضة أصبحت السلطة، والسلطة أخذت مقاعد المعارضة. بمعنى آخر، يتحول معمر القذافي وأنصاره إلى ثوار يحاربون الناتو وحلفاءه، مثلما أعلن يوم أمس (يقصد الأربعاء) في بيان إذاعي بثته محطة تلفزة مغمورة، والثوار تحولوا إلى أصحاب سلطة بات عليهم الدفاع عنها والحفاظ عليها وتحمل تبعات مسؤولياتها. العقيد القذافي بات أخطر، في نظرنا، مما كان عليه قبل أيام معدودة، وبالتحديد قبل سقوط واجتياح منزله في قاعدة باب العزيزية، ويمكن أن يهدم المعبد الليبي فوق رأسه ورؤوس الآخرين إذا كتبت له الحياة لفترة أطول أو لم يتم القبض عليه بسرعة، فالرجل ليس مجنونا مثلما يحلو لبعض المحللين والخبراء العرب وصفه، وإلا لما حكم ليبيا وشعبها الطيب أكثر من 42 عاما. وكان، طوالها، لاعبا رئيسيا على الساحة الدولية. إنه ثعلب عجوز، ماكر وداهية في استخدام ما لديه من أوراق. أولا: العقيد الليبي تحلل كليا من كل أعباء الدولة، ولم يعد يملك مقرات أو قواعد أو منازل تشكل أهدافا لطائرات حلف الناتو وصواريخه، مثلما كان عليه الحال في السابق، أي أنه حيّد أكبر خطر عجّل بسقوطه ونظامه، ولم يعد تدخل هذا الحلف فاعلا، بل قد يتحول إلى لعنة على الدول التي تقف خلفه، وعلى الحكم الجديد . ثانيا: العقيد القذافي يجلس على جبل من العملات الصعبة، استطاع تخزين المليارات منها نقدا، تحت «مخدته» في مكان ما في ليبيا، وهذه المليارات لن تصرف على دفع رواتب موظفين بيروقراطيين، أو جيش مترهل أو لشراء أدوية ومعدات طبية، وإنما على عمليات التخريب الداخلي والخارجي التي قد ينخرط في تنفيذها. ثالثا: هذا الرجل يملك خبرة عريقة في الإرهاب وشبكاته العربية والدولية، مثلما يملك مخزونا ضخما من الحقد والكراهية لخصومه، وعلينا أن نتذكر أنه احتضن منظمة «أبو نضال» واستخدمها بفاعلية في تصفية خصومه أو «الكلاب الضالة»، مثلما كان يطلق عليهم، وموّل الجيش الجمهوري الإيرلندي وسلحه، والقائمة تطول، وأفضل لقب له هو «ملك الإرهاب» وليس ملك الملوك، فهو فاشل في البناء ومتفوق في الهدم! رابعا: هناك مؤشرات واضحة على إعداده خطة محكمة لمرحلة ما بعد سقوط نظامه وانهيار قواته، واختفاء حرسه فجأة، وذوبان أنصاره في غابة طرابلس الإسمنتية، وكذلك إطلاق محطات تلفزية وإذاعية فور السيطرة على محطاته الرسمية من قبل قوات المعارضة، وما محطة «العروبة» التلفزيونية أو «الرأي» التي بث عبرهما خطابه فجر أمس (يقصد الأربعاء) إلا أحد الأدلة، هذه محطات ليست سورية كما يزعم، لأن النظام في سورية أذكى من أن يتبنى نظاما منهارا يلفظ أنفاسه الأخيرة. نجاح العقيد القذافي في إفساد احتفالات الشعب الليبي بانهيار نظامه، وتحويل طرابلس إلى نموذج للفوضى وانعدام الأمن، ولو لفترة محدودة، خطوة مدروسة من قبله وأنصاره، ويمكن أن تمتد إلى مدن أخرى إذا لم يلجأ الطرف الآخر إلى تطويقها وإحباطها فورا وفي أسرع وقت ممكن. لا نستغرب أن يكون هدف الزعيم الليبي (سابقا) هو جرّ حلف الناتو ودوله إلى مصيدة أخرى، ربما تكون أكثر خطورة، أي إرسال قوات جيش لحفظ الأمن في المدن الليبية لوضع حد لحالة الفوضى هذه، وتمكين الحكم الجديد من ترسيخ سيطرته، والبدء في بناء ليبيا الجديدة. العقيد القذافي يراهن على أفراد قبيلته والقبائل الأخرى المتحالفة معها، مثلما يراهن على القادة والشعوب الإفريقية التي أعلن انتماءه إليها بعد أن خذله نظراؤه العرب أثناء الحصار، ولا نستطيع أن نحكم بمدى صحة هذا الرهان من عدمها، ولكن ما نراه أن معظم الدول الإفريقية رفضت حتى الآن الاعتراف بالمجلس الانتقالي. ويظل الرهان الأكبر للعقيد هو اتساع شرخ الانقسامات في صفوف المعارضة لنظامه، وتحول ليبيا إلى دولة فاشلة، وضخامة الثمن الذي يمكن أن يطالب به حلف الناتو وفرنسا وبريطانيا بالذات، مقابل دعم مخططات إطاحة نظامه. السوابق في العراق وأفغانستان قد تكون مغرية بالنسبة إلى العقيد القذافي، فأخطاء المحتل الأمريكي في العراق، مثل حل الجيش العراقي واجتثاث حزب البعث وتكريس حكم طائفي في بغداد، أدت إلى نشوء مقاومة مسلحة شرسة وتأسيس قاعدة راسخة لتنظيم «القاعدة». العراقيون كانوا سعداء، وربما ما زالوا، لسقوط صدام حسين ونظامه، ولكنهم وجدوا بلدهم مدمرا بالكامل ومقطع الأوصال، ومحكوما بنظام يحتل المرتبة الأعلى على سلم الفساد في العالم. أما في أفغانستان فأعداء طالبان، وبدعم أمريكي، حققوا نصرا عسكريا سريعا وأطاحوا بحكمها، ولكنهم وجدوا حلفاءهم الأمريكان والبريطانيين يتفاوضون علنا وسرا، لإعادة طالبان إلى الحكم بعد عشر سنوات تكبدوا خلالها مئات المليارات من الدولارات كخسائر مادية. لا نقول إن هذه السوابق ممكن أن تتكرر في ليبيا، بل لا يجب أن تتكرر، لأن في ليبيا ثورة شعب أطاحت بنظام ديكتاتوري فاسد، ولكن عدم تكرار هذه السوابق مرهون بأداء المجلس الانتقالي الليبي الممثل الأبرز للمعارضة، ومدى قدرته على قيادة البلاد إلى بر الأمان، وبناء الدولة الجديدة على أسس الديمقراطية والعدالة. نعترف بأن لدينا شكوكا كبيرة في هذا الصدد، وهي شكوك مشروعة وتأتي من منطلق الحرص على نجاح العهد الجديد الذي يطل برأسه وسط حقل من الألغام. وما يعزز هذه الشكوك ما قرأناه بالأمس (يقصد الأربعاء) عن رصد المجلس الوطني الانتقالي ما يقرب من مليوني دولار لمن يقتل القذافي ويأتي برأسه مضرجا بالدماء، وكذلك إصدار مرسوم بعدم ملاحقة كل من يقدم على هذه الخطوة قضائيا. هذه المكافأة تتناقض كليا مع كل وعود المجلس الوطني الانتقالي وحلفائه الغربيين في فرنسا وبريطانيا بإقامة نظام العدل والمساواة وحكم القانون في ليبيا الجديدة، مثلما تتناقض مع كل المواعظ لليبيين بالتخلي عن النزعات الانتقامية والثأرية التي كانت من أبرز أخلاقيات النظام الديكتاتوري السابق. | |
|