تحت شعار: "معا لمكافحة الهدر المدرسي"، عقدت المنظمة المغربية لمكافحة الهدر المدرسي والتنشيط السوسيوثقافي، يومي 23 و24 أكتوبر 2010، بمقر الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين مراكش تانسيفت الحوز الملتقى الوطني الأول لمكافحة الهدر المدرسي.
ويندرج هذا الملتقى في إطار تنفيذ مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين والمخطط الاستعجالي، وضمن الموضوع المحوري الذي سطرته الأكاديمية للموسم الدراسي الحالي. ويروم المساهمة في تطوير العمل الذي تقوم به فعاليات المجتمع المدني في مجال التنمية المستدامة، و إعداد استراتيجية وطنية لمحاربة ظاهرة الهدر المدرسي، والتحسيس بأهمية التنشيط السوسيو ثقافي....
وقد حضر هذا الملتقى كل من نائبة الحوز وأعضاء المجلس الإداري والمفتش الجهوي المكلف بالتخطيط التربوي ومجموعة من رؤساء المصالح بالأكاديمية ونيابة مراكش، وممثلو المجتمع المدني والفرقاء الاجتماعيين والعديد من الفعاليات والأطر التربوية بالجهة، إضافة إلى ممثلي الصحافة الوطنية والجهوية.
وفي بداية هذا التظاهرة، تم عرض شريط وثائقي من إنتاج المنظمة يحمل عنوان "سجينة الصمت" ويعالج ظاهرة الهدر المدرسي بالعالم القروي، ويحكي عن تلميذة يتم حرمانها من طرف والدها من متابعة الدراسة، فيتم إرجاعها من طرف زميلاتها وزملائها للصفوف الدراسية.
إثر ذلك، تدخلت مليكة البرجي، منسقة فرع مراكش، التي قالت في كلمتها من أجل هؤلاء في هذا الشريط ننظم هذا اللقاء، و سنحاول تشخيص الوضعية وإيجاد الحلول لظاهرة الهدر المدرسي. كما سنحاول وضع مشاريع تخدم مصلحة التلميذ والمنظومة التربوية، شاكرة كل من ساهم في إنجاح هذه المحطة التأملية من مختلف الشركاء، ومرحبة بجميع الضيوف الحاضرين من مختلف جهات المغرب للمشاركة في الملتقى.
أما كلمة عبد العزيز كوكاس، صحفي ومنشط الملتقى، فركزت على أن هذه الندوة هي ندوة نوعية، نظرا للموضوع الذي تعالجه، مشيرا إلى أنها تشكل التفاتة إلى اليد الموجعة في منظومة التربية والتكوين، وتعتبر، أيضا، ندوة نوعية لأنها تحط الرحال في مدينة سبعة رجال، ولكونها تمنح للهامش إمكانية إيجاد الحلول.
وبدوره، تدخل عبد الباري بوفلجة، رئيس المنظمة، مبرزا أن هذا الملتقى يندرج ضمن استراتيجية هيئته والعمل التنسيقي الهادف، ومشيرا إلى مفهوم الهدر المدرسي وعوامله وانعكاساته داخل المجتمع.
ثم أكد أن نسبة الهدر المدرسي لازالت جد مرتفعة بالقرى وضمن الفتيات على الخصوص، موضحا أن هذه الندوة هي محطة لفهم الظاهرة و وضع ميكانيزمات للتصدي لها، وآملا أن تتكلل أشغال هذا الملتقى بالنجاح خدمة لمصلحة التلميذ ولمصلحة المدرسة المغربية.
ومن جهته، ألقى محمد سعد العربي، المنسق الجهوي للبرنامج الاستعجالي بالأكاديمية كلمة باسم هذه المؤسسة أكد فيها على أن شأن المدرسة المغربية هو شأن عام وأن الأكاديمية تنتهج مقاربة تشاركية وانفتاح تام ومعقلن على جميع الشركاء، داعيا إلى التشخيص الدقيق للاختلالات والبحث المشترك عن البدائل.
كما أوضح أن البرنامج الاستعجالي قد جعل التلميذ في قلب إصلاح منظومة التربية والتكوين، وأن من أهم الأوراش لتفعيل هذا المبدأ هو هذه الظاهرة المركبة، متمنيا أن تصدر عن هذا الملتقى الهام توصيات واستنتاجات للاستئناس بها من أجل التعاطي مع هذه الظاهرة.
عقب ذلك، تدخل عبد العزيز إيوي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم التابعة للفيدرالية الديمقراطية للشغل وعضو المجلس الأعلى للتعليم، حيث أكد أن جهة مراكش تانسيفت الحوز تعاني بحدة من هذه الظاهرة، مشيرا إلى أسباب الاختلالات التي تعرفها منظومة التربية و التكوين من خلال تقرير المجلس الأعلى للتعليم الصادر سنة 2008.
ومن أجل معالجة ظاهرة الهدر المدرسي، دعا إيوي إلى تعزيز طواقم الإدارة وإعادة الثقة لرجال التعليم، وفتح نقاش داخل المؤسسة التعليمية لحل مشكل هذه الظاهرة، وتخفيف البرامج الدراسية، وترك نسبة 20% من الزمن المدرسي لاتخاذ المبادرة.
ثم ألقى المصطفى السعليتي، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة القاضي عياض بمراكش، عرضا قدم من خلاله نتائج البحوث التي أشرف عليها في إطار علم الاجتماع وعلم النفس التربوي حول ظاهرة الهدر المدرسي، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة هي حصيلة عدة عوامل ذاتية وموضوعية، ومؤكدا على وجود علاقة إحصائية بين الهدر المدرسي والتمثلات لدى التلاميذ.
كما انتقد المقاربات الماكروسوسيولوجية التي تربط بين الهدر المدرسي والفقر، مبرزا أن المشروع التربوي لا يوجد، بشكل عام، لدى الفتيات وأن الممارسات التربوية هي رهينة تمثلات حول المدرسة والتمدرس، ومشيرا إلى أن تمدرس الفتاة ليس راسخا في المشاريع الأسرية بالمغرب وأن الزواج هو استثمار بالنسبة للفتاة.
وتطرقت زهرة إدعلي، رئيسة جمعية إفولكي للنساء بإقليم الحوز لتجربة هذه الجمعية في مجال محاربة الهدر المدرسي، تحت شعار: "إذا لم تكن هناك مدرسة، فليس هناك مستقبل"، مستعرضة مجالات تدخل هذه الجمعية، والتي تتمحور حول مايلي: التكوين، التأطير والتحسيس، إضافة إلى تمويل المشاريع الصغرى التي تهدف إلى تشجيع التمدرس بالعالم القروي.
ثم تحدثت عن شركاء الجمعية على الصعيدين الوطني والدولي، ومواقع تدخل الجمعية بكل من تحناوت، أمزميز، أسني وأيت أورير، و كذا النتائج التي حققتها الجمعية في عدة مجالات، إضافة إلى مقاربات العمل وآفاق عمل الجمعية.
وخصص مولاي المصطفى عبد المولي، عضو المجلس الإداري للأكاديمية وفاعل جمعوي، مداخلته لبسط رؤية جمعية أمهات وآباء وأولياء التلاميذ حول ظاهرة الهدر المدرسي، ولتقديم قراءة في عدة مواقع و اختلالات في هذا المجال، مشيرا إلى أن سؤال الهدر قد أقلق عدة مسؤولين، ويخيف رغم جميع المجهودات المبذولة لتجاوزه.
وعرف هذا الملتقى، أيضا، تنظيم مجموعة من الورشات، التي تناولت مواضيع تهم: "التخطيط الاستراتيجي و وضع المشاريع" و "آليات المجتمع المدني في التنمية" و "المثقف النظير"، إضافة إلى " تنمية المهارات القيادية".
ويشار أن جهة مراكش تانسيفت الحوز تحتل المرتبة الأولى على الصعيد الوطني في مجال الهدر المدرسي، حيث يتم الانقطاع المبكر للتلاميذ عن الدراسة بالعالم القروي، وخاصة الإناث. وتعتبر مرحلة الانتقال إلى الإعدادي مرحلة جد حرجة، حيث تغادر فيها العديد من الفتيات صفوف الدراسة، نظرا لضعف بنيات الاستقبال. وتعد أقاليم الحوز وشيشاوة والصويرة وقلعة السراغنة نقطا سوداء في مجال الهدر المدرسي.
عبد الرزاق القاروني
عن تربويات