IMADZZ الادارة العامة
آخر مواضيع العضو : اسم متصفحك : الصفة : الادارة العليا للمنتدى - مؤسس الموقع الهواية : الدولة : أوسمة العضو : عدد المساهمات : 1868 نقاط العضو : 4609 العمر : 27 المهنة : التعليم
| موضوع: الضغوط النفسية السبت 11 ديسمبر 2010 - 8:32 | |
| مدخل: كانت حياة الإنسان قبل عقود من الزمن مستقرة نوعًا ما، وكان الهدوء هو ديدن الإنسان في معظم أحواله، لقلة المثيرات النفسية آنذاك: - فلم تكن ثمة مسؤوليات متشعبة لتشتت تفكير الإنسان أو تؤثر على أداء عمله البسيط في المزرعة أو المصنع أو المتجر. - ولم تكن ثمة أزمات سكانية وبشرية بهذه الصورة المهولة التي تفرض على واقع الناس أنماطًا جديدة من العلاقات والمسؤوليات. - ولم تكن المساكن والمرافق بهذا النمط الخانق والمتراكم بعضه فوق بعض، كما هي الحال في كثير من دول العالم. - بل لم تكنالمصائب التي تعتري الإنسان بهذه الحدّة والشدّة، فلم تكن ثمة أمراض بهذهالنسب المهولة والأسماء المتعددة والتي صارت تفتك بالإنسان وتهدد حياتهوتجعله أسير الخوف والقلق. مع بطء الوصول إلى علاجات لها. - ولم تكن ثمة حروب طاحنة تقتل الألوف من البشر خلال فترات زمنية قصيرة، عبر التقنيات العسكرية والحربية الحديثة. - لم تكن هذه الحوادث المريعة الناجمة من جراء حوادث السيارات والطائرات والبواخر وغيرها من وسائل النقل. - وفوق ذلك كلهلم تكن ثمة أزمات مالية واقتصادية تحل بالبشر وتقلب أحوال الأمم والشعوبمن قمة النعيم والرفاهية إلى حضيض الفقر والحاجة. وغير ذلك من التغيرات والآفات والمشكلات التي أثرت بصورة سلبية على حياة الإنسان، وبالتالي أثرت على قدراته وطاقاته الكامنة. وهذا يعني أن هذاالتطور التقني الذي يشهده العالم والذي ساهم كثيرًا في راحة الإنسان فإنهفي الوقت نفسه أثقل كاهل الإنسان بكثير من المسؤوليات والالتزامات التيتأكل من عمره ووقته، بل إنه في كثير من الأحيان يأتي جامحًا لا يستطيعالإنسان الوقوف أمامه أو الحدّ من امتداده. من هنا ظهرت ظاهرة الضغط النفسي: والتي تتمثل في عدم القدرة على مواجهة التحديات أو القيام بالمسؤوليات المنوطة بالوسائل والإمكانات المتاحة. آثار الضغط النفسي: إن الضغوطالنفسية تضع صاحبها في كثير من الأحيان في حالات غير متزنة، الأمر الذييؤدي في النهاية إلى ظهور آثار ونتائج سلبية على حياته ومجتمعه، ومن أهمهذه الآثار: 1 – يولّد الضغطالنفسي – أحيانًا - في نفس صاحبه نوعًا من العنف والتطرف والنقمة علىالواقع والنظر إليه بسوداوية قاتمة، أملاً في الخروج من أزمته وتخفيف وطأةالمسؤوليات عليه، لا سيما إذا لم يجد من يقف بجانبه ويحمل عنه بعض أعبائهوآلامه. 2 – يؤدي الضغطالنفسي إلى الانعزالية عن الحياة، والبعد عن الواقع، بل يجعل صاحبه يسبحفي عالم الخيال، فيضطرب عنده منهج التفكير والتحليل، فتراه يناقش موضوعًامألوفًا بتحليلات فلسفية غامضة، أو تفسيرات شاذة لا يقبلها العقلاءوالأسوياء. 3 – الضغط النفسييؤثر في التعامل مع الآخرين أو بناء علاقات معهم، حيث يصعب على الإنسانالمضغوط نفسيًا بناء علاقات مع الجيران، أو صداقات مع زملاء العمل، أو معالطلاب إن كان مدرسًا، ومع الجمهور إذا كان موظفًا، ومع الموظفين إذا كانمسؤولاً أو مديرًا، وهكذا مع جميع الشرائح والمستويات في المجتمع، وهوتهديد لبناء المجتمع والأفراد والمؤسسات في التقدم والرقي والازدهار. 4 – للضغط النفسيآثار سلبية كثيرة على الجوانب العضوية في الإنسان، فكثير من الأمراضالعضوية هي إفرازات حقيقية للحالة النفسية التي يعيشها المريض، ومن أجلذلك يوصي الأطباء مرضاهم بالابتعاد عن الانفعالات النفسية، لا سيماالمصابين بالقلب أو الضغط أو السكر أو المعدة أو القولون وغيرها، لأنالعامل النفسي يؤدي دورًا مهمًا في تهدئة مثل هذه الأمراض والشفاء منها،أو إثارتها والحدّة في آثارها. 5 – يؤثر الضغطالنفسي سلبًا على الإنتاج في العمل والإبداع في الحياة، لأنه يُفْقد صاحبهالتوازن في التعامل مع الأشياء، وكذلك يشتت عنده الطاقات والإمكانات،فضلاً عن الاستياء من الوصول إلى تحقيق الغايات وبلوغ الأهداف. علاج الضغط النفسي: بما أن الضغطالنفسي يشكل مشكلة أو مرضًا قائمًا فلا بد وأن يكون له بعض العلاجاتوالأدواء التي تمنعه أو تحدّ من وطأته على الإنسان، ومن أهم هذه العلاجاتوالوسائل: 1 – تقوى الله تعالى والتقرب إليه بالعمل الصالح، لقوله تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً) (1)، وقوله جل ثناؤه: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)(2). وقصة النفرالثلاثة الذين حُبسوا في الغار ليست بعيدة عنا، فقد فرّج الله عنهم هذهالكربة حين تذكر كل واحد منهم عملاً صالحًا وخالصًا لله تعالى فتوسل إلىالله تعالى فيه. 2 – الاستعانة بالصبر والصلاة، لأنها تعين الإنسان على مواجهة التحديات والمسؤوليات بثبات ونجاح، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (3). يقول حذيفة رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى"(4). 3 – حسن الظنبالله تعالى, بأنه وحده كاشف الضرّ عن الإنسان، وأن الشدة مهما طال أمدهافإن الله متبعها بفرج ويسر، يقول الله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام: (لا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) (5). ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي: "إن الله يقول: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني"(6). وصدق الشاعر القائل: ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ** فرجت وكنت أظنها لا تفرج 4 – ذكر الله تعالى بالاعتقاد والقول والعمل سبب لتفريج الهموم واستقرار النفس وطمأنينتها، لقوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) (7). 5 – لزومالاستغفار والدوام عليه، فإنه من أسباب السعادة والطمأنينة النفسية، كماأنه يفرج الكربات ويذهب الهموم والغموم، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همّ فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب"(8). 6 - اللجوء إلىالله تعالى بالدعاء، لأنه يذهب الهموم ويفرج الكروب، لحديث أبي سعيدالخدري رضي الله عنه: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ذات يومفإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة فقال:" يا أبا أمامة مالي أراك جالسًا في المسجد في غير صلاة ؟" قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله. قال:" أفلا أعلمك كلامًا إذا قلته أذهب الله همّك وقضى عنك دينك؟ " قال: بلى يا رسول الله. قال: " قلإذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهمّ والحزن والعجز والكسل،وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال"(9). وكان من دعاءموسى عليه السلام لله تعالى أ ن يشرح صدره وييسر أمره، ليذهب ما به من همّوغم، قال الله تعالى على لسانه عليه السلام: (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي. وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي) (10) . 7 – العملبالأسباب المعينة على النجاح في الحياة، ثم التوكل على الله تعالىوالاستعانة به من أجل تحقيق الغايات وحصول أفضل النتائج، فالعمل والتوكلأمران متلازمان لتفادي الضغوط النفسية وآثارها السلبية، يقول الله تعالى: ( وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) (11)، ومن كان الله حسْبُه فلا يضل ولا يشقى أبدًا. 8- لا بأس بأنيستعين المسلم بأهل الخبرة من الأطباء النفسانيين أو غيرهم فقد تضيقالحالة بالإنسان ويسيطر عليه الهم والغم والحزن والاكتئاب جراء هذه الضغوطفإذا استشار غيره فيعينه على فتح باب مهم يرى منه النور بإذن الله تعالى. ومن خلاصة القول: أنها في النهاية من صنع الإنسان ومن عمل يده، (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ) (12)، لأن جلّ هذه الضغوط عبارة عن أخطاء سابقة تراكمت وتعاظمت على صاحبها ولميتعامل معها بمنهجية سليمة، إلى أن بلغت حدّها، فجاءت شديدة على النفسوقاصمة للآمال والرغبات، ويستطيع الإنسان أن يتفادى الضغوط النفسية ويتجنبالآثار السلبية الملازمة لها، حين يتهيأ منذ البداية لمواجهة مثل هذهالتحديات، وذلك من خلال التربية الإيمانية الصحيحة للأجيال من الأبناءوالبنات في البيوت والمساجد والمدارس وجميع المؤسسات التربوية والمراكزالتعليمية. لأن العبد حينيتعلّق بالله تعالى، ويشعر بعظمته وقدرته على الأشياء من جهة، كما يشعربمدى لطفه ورحمته بعباده من جهة أخرى، فإنه لا يخشى الصعاب والتحديات، بليتخطاها ويواجهها بثبات ونجاح. منقول | |
|