الهدف: علاج الكذب عند الأطفال بطريقة مرنة، بعيدا عن التوبيخ والعقوبة
توطئة:الكذب هو أول الخطوات التي يخطوها الطفل نحو اكتساب الاستقلالية عندمايبدأ بالابتعاد عن مراقبة أو سيطرة الأهل، موظفا خياله المتأثر باختلاطالحقائق والأوهام. فهو كما يقلد والديه والمحيطين به، يحب شخصيات كرتونيةخارقة ويحلم بتمثيل أدوارها.لكن هذا الكذب ليس بالمصيبة التي تجعل الأهل يغضبون ويعاقبون… (فياعتقادهم أنه هجوم دفاعي من أجل حماية الطفل من هذه الآفة) وهذا من بعضأخطائنا في معالجة الأخطاء
(1).لا يختلف اثنان أن الكذب، باعتباره صفة ذميمة مرفوض. كيف لا وقد قالفيه الرسول صلى الله عليه وسلم عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه:
“إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند اللَّه كذابا” (2). لكن، وفي نفس الوقت، فإن الضرب والصراخ لا يوصلان إلى نتيجة
(3)، بل على الأهل أن يعرفوا القصد من الكذبة وأن يجعلوا طفلهم يلمس منافع الصدق. فيصبح بذلك أكثر أهمية بالنسبة له.
ماذا أفعل؟عندما يبدأ الطفل بالخلط بين ما هو حقيقي وما هو افتراضي، يجدر بالأهل التدخل. وهذه بعض الإجراءات حتى لا يتحول ذلك إلى كذب ممقوت:
التفهم:اكتشف ما وراء الكذبة، ورغم أن الكذب أنواع، فكلنا نعرف الكذب الذييجعلنا نتجنب الوقوع في ورطة أو نتهرب من القيام بأمر لا نريد فعله. فإذاسألته والدته : هل رتبت غرفتك؟ ورد بالإيجاب، وأحست أن لم يفعل، فلتقلمثلا: جيد، سأذهب لأرى العمل الرائع الذي قمت به. فإذا تلعثم وتردد، فعلىالأم ألا تستشيط غضبا، بل تدرك أن كذبته هي تهرب من المسؤولية. فتقولبلطف: أعلم أنك لا تريد القيام بذلك، وأعلم أنك لا تريد تخييب أملي، لكنفعل ما طلبت منك وقول الصدق أمران مهمان. ثم تطلب منه إنجاز العمل وتراقبهوهو يفعل ذلك.يدرك الطفل إذذاك أن المسؤولية لا مفر منها، وأن كذبته أفقدته جزء مناستقلاليته وحريته بوجود المراقبة، فيحاول ألا يكرر ذلك مرة أخرى.
الثناء على الصدق:عند قول الحقيقة، كيفما كان الوضع، امدح كثيرا هذا التصرف. فيصير المدح كمعيار عند الطفل للتفريق بين ما هو حقيقي، وما ليس كذلك.
الصدق مع الصغير:أحيانا يكذب الراشد على الطفل، لكن هذا الأخير يعلم أن الأمر غير ذلك،فيستنتج أنه بالإمكان الكذب للخروج من مأزق.. فإذا كنت ترفض إعطاءه شيئاأو لا تريد فعل شيء يطلبه… إلخ فأخبره بصراحة.
البحث عن القدوة:إضافة إلا أن الطفل يتعلم ممن هم حواليه، فإنه يتأثر كما ذكرنا سلفابالإعلام. ولهذا كان من المفيد البحث في الشخصيات الكرتونية عمن يتصفبالنزاهة والصدق
(4)، لأنه إذا أحبها فسيقلدها في كل كبيرة وصغيرة.
ماذا أتجنب؟علاج الأخطاء التربوية – في نظري – لا يقبل شيئا اسمه التأثيراتالجانبية ^_^، وإلا فلن يحصل التوازن في بناء الشخصية. وحتى نصلح الوضعدون ترك “ندوب” نفسية، تجنب أخي المربي نقطتين خطيرتين:
لا تنعت الطفل بالكاذب:السلوك المرفوض ليس انعكاسا لحقيقة الطفل. فإذا ارتبط الذم بالسلوك سهلعلى الطفل الابتعاد عنه، أما إذا ارتبط بشخصه كان من الصعب (أو منالمستحيل) الانسلاخ من ذاته. نفس القاعدة بالنسبة للمدح. فهو يعلمه أنالمدح ليس له، وإنما يلزمه العمل لنيله، فيقل إعجابه بنفسه وتكبره.وهذا الموضوع، وإن دعا إليه الغرب كثيرا، فقد سبقهم إلى ذلك المسلمون،
فعنأبي قلابة أن أبا الدرداء مر على رجل قد أصاب ذنبا فكانوا يسبونه، فقالأرأيتم لو وجدتموه في قليب ألم تكونوا مستخرجيه؟ قالوا: بلى، قال: فلاتسبوا أخاكم واحمدوا الله عز وجل الذي عافاكم. قالوا: أفلا تبغضه؟ قال: إنما أبغض عمله، فإذا تركه فهو أخي (5)نفس الأمر بالنسبة للطفل، مهما فعل، ومهما غضب منه الأهل، فسيظلون يحبونه أيما حب.. فلنعترف بذلك *_^.
لا تعاقب الطفل:خصوصا إذا اكتشفت أنهكذب لتجنب العقاب. بل علمه كيف يتحمل مسؤولية هفوة أو خطإ ارتكبه. فيتعلم أنه بقول الحقيقة يمكن إصلاح الأخطاء.
لعبة:أحيانا يختلق الأطفال قصصا خيالية، ويحكونها كأنها حدثت لهم في البيتأو المدرسة.. اسأل الطفل مباشرة: هل هذا ما حدث أم ما كنت تتمنى أن يحدث؟(جرب بنفسك لتعرف النتيجة). لكن حتى لا تضيع تلك الطاقة، وحتى لا يخنقالخيال الخصب، ادعه للعبة التالية:
خصص وقتا ليخبرك فيه بقصص خيالية، وأبد اهتمامك وإعجابك بما يقول وتفاعل مع قصصه.أخبره بعدها أن وقت القصص الخيالية انتهى، وقد جاء وقت القصص الواقعية،وإذا ما خلطها بالخيال فقد لا يحصل على فرص أخرى لسرد حكاياته.وإذا أحسست بأن في كلامه كذبا، لمح له بقولك: شيء مثير حقا ما تقول،لكنها قصة خيالية، احكها لي في وقتها. أخبرني الآن قصة واقعية (القصة تكونمرتبطة بالحدث الذي أنتما بصدد الحديث عنه)
في الختام، أسأل الله تعالى أن يوفقنا لبناء جيل سوي نفسيا يحب دينهويخدمه، لا أن يعتبره ثقلا على ظهره ما إن يستقل بذاته حتى يرميه.