لفظة لسانيات

ذ.حسن إدريسي
مكناس في 27/2/20011/3:57

لفظة لسانيات

تطلق لفظة لسانيات على الدراسة العلمية للغة، وهو
التعريف الذي قدمه اللساني فردناند دي سوسير
في كتابه " محاضرات في اللسانيات العامة "
الذي خرج إلى الوجود بعد وفاة صاحبه
بحوالي ثلاث سنوات . وكان ذلك على
يد كل من شارل باري وموريس سيشهاي، وقد
نتج عن هذا التعريف خلاف بين اللسانيين حول
ما يمكن أن يوصف بالعلمية أو العكس داخل اللسانيات، مما أسفر عنه حصول تفاوت بينهم في تحديد نطاق العلم وحدوده .

فقد كان يعتقد في بداية القرن 19 أن الدراسات اللغوية قد
اكتسبت الطابع العلمي انطلاقا من كون البحث اللغوي قد اتجه نحو البعد التاريخي([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
) وهو ما ألمح إليه اللغوي الدانماركي
أوتوجيسبرسن ( otto jespersen) بقوله :" إن الصفة المميزة
لعلم اللغة ( science of language ) كما يفهم الآن هي السمة
التاريخية". ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])
ومن العوامل التي كان لها بالغ الأثر في
تحديد مفهوم العلم في اللسانيات ثلاث
تيارات لسانية بارزة وهي : التجريبية empiricism والوصفية positivism والعقلانية rationalism([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).وقد
ذهب محمود قدور في هذا الطرح، وجعل هو الأخر صفة العلمية ملازمة للسانيات مقدما لها تعريفا مفاده : " اللسانيات هي العلم الذي يدرس اللغة الإنسانية دراسة علمية تقوم على
الوصف ومعاينة الوقائع بعيدا عن النزعة
التعليمية والأفكار المعيارية "([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])
. من خلال هذا التعريف يتضح لنا أن
المقصود بالدراسة العلمية للغة هو الإحاطة
الموضوعية ، والشاملة بكل جزئيات المادة اللغوية ، وذلك وفق منهجية علمية شاملة .
فاللسانيات من هذا المنظور ( منظور
العلمية ) تتوخى دراسة اللغة
الإنسانية بطريقة مستقلة . مع الاهتمام
باللغة المنطوقة قبل المكتوبة . وهذا
الاهتمام لا يقتصر على لغة دون أخرى بل يشمل جميع اللغات من دون تمييز ، سواء كانت رئيسية ، أم فصيحة،أم حتى مجرد لهجة ، لأن
اللهجات على اختلافها لا تقل أهمية عن
الفصحى من حيث الاستخدام . بل ولا
تفاضل بين اللغات البدائية والمتقدمة
.إنها تنظر إلى الظاهرة اللغوية كوحدة
متكاملة آخذة بعين الاعتبار التدرج من الأصوات
إلى الصرف فالنحو ، وصولا إلى الدلالة . فهي لا تخص لغة دون أخرى كما هو
الشأن مع النحو التقليدي، بل تراقب
الوقائع اللغوية في جميع اللغات من دون تمييز.
هذا لأنها تعتمد رؤية علمية.عكس علوم القواعد
القديمة التي اعتمدت الرؤية الافتراضية انطلاقا من معيار الخطأ والصواب؛ وهذا ما جعل اللسانيات ذات رؤية
علمية مناقضة للأنحاء القديمة ذات الرؤية المعيارية الافتراضية التي انخرطت فيها جميع القواعد والأنحاء الخاصة بكل اللغات بمن فيها النحو العربي[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].

وعموما تتميز اللسانيات عن النحو التقليدي في :
" نظرتها إلى اللغة باعتبارها في المقام
الأول أصوات لغوية ، تتألف ضمن نسق معين
، وهذه الصفة الصوتية للغة هي التي تحضا
باهتمام الألسنيين الباحثين، أما الكتابة
فهي أمر طارئ على اللغة ، وحديث العهد نسبيا "( [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
) .إن اللسانيات باعتبارها دراسة علمية
للغة تسعى دائما إلى بناء نظرية عامة تشمل جميع اللغات

هنا لابد من
التنبيه إلى مسألة مهمة جدا .وهي أن التعريف القائل إن موضوع اللسانياتهو: "دراسة
اللغة في ذاتها ومن أجل ذاتها " قد تم تجاوزه فيما بعد ، وهي مسألة منطقية .
فبما أن اللسانيات قد قطعت أشواطا في
مشوارها ، فكذلك الشأن بالنسبة لموضوعها ،
فهو لم يقف عند تلك الحدود التي رسمها
سوسير.

بل خضع للتطور نتيجة الثورة التي عرفها علم
اللسانيات ، فقدمت له بموجب ذلك ثلاث
تعاريف يستجيب كل منها لخصائص المرحلة
التي وجد فيها .

أ_ مرحلة فيرديناند دي سوسير : وكانت تعرف فيها اللسانيات
بالدراسة العلمية للغة فكان هدفها هو :
"دراسة اللغة في ذاتها ومن أجل ذاتها "

ب_ مرحلة نعوم تشومسكي : في هذه المرحلة أصبحت اللسانيات فرعا من فروع علم النفس المعرفي، فكان الهاجس حينها هو التساؤل عن كيفية اكتساب اللغة وتعلمها ؟ ، وعن العلاقة بين الذكاء والاكتساب والتعلم ؟ . ومع انتشار هذه الأفكار أصبحت تعرف
اللسانيات ب: " دراسة الملكة
اللغوية أو النحوية " .

ج_ مرحلة ديرهايمز : في هذه المرحلة توجه اهتمام اللسانيين إلى البحث في الملكة التواصلية عوض اللغوية ، أو النحوية فقط ، وهو
انتقاد وجه إلى تشومسكي وهو في محله . ومن
الأدلة التي قدمها الوظيفيون في إثبات عدم وجود البحث في الملكة النحوية جملة مفادها " الأفكار الخضراء عديمة
اللون تنام غاضبة " ( [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
) . ورغم هذه التحولات التي عرفتها اللسانيات
فإن معظم الدارسين قد تشبثوا بالتعريف الذي قدمه سوسيرر ، نذكر من ذلك مثلا تعريف عبد العزيز حليلي حين قال : " هي العلم الذي يدرس اللغات الطبيعية الإنسانية
في ذاتها ولذاتها ، مكتوبة ومنطوقة كانت
أم منطوقة فقط ، مع إعطاء الأسبقية
لهذه الأخيرة لأنها مادة خام تساعد أكثر على التحقق من مدى فعالية أدوات بحت اللساني المعاصر ،
ولأنها لم تنل بعد ما تستحقه من
العناية والدرس.([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) وبعد ذلك حدد حليلي غاية اللسانيات في أنها تهدف " أساسا إلى
وصف وتفسير أبنية هذه اللغات ، واستخراج القواعد العامة المشتركة بينها والقواعد الخاصة التي تضبط العلاقات بين العناصر
المؤلفة لكل لغة على حدة "([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
ونلفت النظر إلى
أن العرب المحدثين قد اختلفوا في تحديد
اسم موحد لهذا العلم ، مما نجم عنه أزمة مصطلحية تولدت عنها أخطاء عدة جعلت الباحث
يتخبط في سديم وعماء ضبابي ،حينما اختلطت عليه المفاهيم، وتعددت أمامه الأسماء
والمسمى واحد ، والإشكال الكبير هو
أن الأمـر لا يختلف من دارس لآخر فحسب ، فمن
الباحثين من يستعمل أسماء عدة ولا يثبت على اسـم واحد ، وهو ما سقط فيه معظم المشارقة بصورة واضحة .
ومن الأسماء التي قدمت لهذا العلم " اللسانيات " ، و"اللسانيات
" ، و"الألسنية " بالإضافة
إلى " علم اللغة وفقه اللغة " . وهذه الألفاظ مترادفة ، أخذت
الأولى من مادة "لسان " بكسر
ففتح بمعنى لغة يقول تعالى " ما أرسلنا من رسول إلا بلسان
قومه ..."([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).
وأخذت اللفظة الثانية من مادة لسن بكسر فسكون ، ونقل ابن منظور عن ابن سيده قوله
:" اللسان اللغة مؤنثة لا غير ،
واللسان بكسر اللام اللغة ..." وأضاف صاحب لسان العرب " واللسن
الكلام ولاسنه ناطقه ". و" علم
اللغة " استعمال قديم وكذلــك " فقه اللغة " فالأول استعمله ابن
خلدون في مقدمته والثاني استعمل من طرف
الثعالبي ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])
( لا نقصد هنا أن الثعالبي يقصد بفقه اللغة اللسانيات وإنما المراد هو أن المحدثين
قد استقو تلك التسمية من الثعالبي ).
هذه هي اللسانيات التي كانت نقطة فصل بين اللسانيات التاريخية والحديثة، فاستحقت بموجب
ذلك صفة الحداثة ، لكنها لم تكن كذلك إلا
بعدما جاء فردناند دي سوسير باللسانيات
البنيوية ، التي ضمت أسسها طيات كتاب " محاضرات في اللسانيات العامة " (cours de linguistique générale)

1) محمد محمد، يونس
علي : أصول اتتجاهات المدارس اللسانية الحديثة
، مجلة عالم الفكر ،ع :1،المجلد :32،
يوليوز – سبتمبر 2003، ص:128 بتصرف.
alen et unwin,( 1922) : Des
persen ,langages ;its nature,
development, and origin,london :,p :,7. 2
) محمد يونس علي :أصول
اتجاهات المدارس اللسانية الحديثة ، مجلة عالم الفكر ن ص:128.[3]
) محمد قدور :
مبادئ اللسانيات ،ص:11.[4]
) أحمد الحموز :
محاولة ألسنية في الإعلال ، مجلة عالم
الفكر ، ع: 3، المجلد 20، أكتوبر- نفمبر –دسمبر ، ،ص:177.1989[5]
) المرجع والصفحة
نفسها.[6]
1) بريجيته بارتشت
(2425هـ/2004) : مناهج علم اللغة من هرمان باول حتى ناعوم تشومسكي ،تر،وتع
،وتمه،أ،د،سعيد حسن بحري ،مؤسسة المختار للنشر والتوزيع ، القاهرة ،ط:1،ص:272.
) عبد العزيز حليلي (1991) :اللسانيات العامة واللسانيات العربية
،تعاريف ،أصوات ، منشورات دراسات سال ،
مطبعة: النجاح الجديدة اللدار البيضاء،ط:1،ص11.[8]
) المرجع، والصفحة
نفسها.[9]
) سورة ،إبراهيم ‘
الأية : 4.[10]
)عبد العزيز حليلي
(1991): اللسانيات العامة واللسانيات العربية ، تعاريف ، أصوات :ص 11.[11]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]