hassan idrissi المراقب العام
آخر مواضيع العضو : اسم متصفحك : الصفة : مراقب عام - كاتب المنتدى الهواية : الدولة : أوسمة العضو : عدد المساهمات : 288 نقاط العضو : 795 العمر : 36 المهنة : أستاذ
| موضوع: قصيدة النثر الأحد 24 يوليو 2011 - 10:52 | |
|
بقلم: ذ. حسن إدريسي. 24/07/2011
قصيدة النثر
شاع في الجو الثقافي اللبناني في خمسينيات القرن الماضي فن أدبي جديد ، حيث صارت تصدر المطابع كتبا تضم بين دفتيها نثرا وقد كتب على دفتها الأمامية كلمة "شعر" .إن الأمر يتعلق بقصيدة النثر. وهي شكل شعري حديث الظهور لقي اهتماما من طرف الباحثين والنقاد العرب،وقد ارتبط ظهورها بالتوتر الإبداعي المتموقع في المنطقة الوسطى بين الشعر والنثر حيث التحرر من سلطة النوع الأدبي والخروج عن النمط المألوف وعن سطوة النسق الأدبي السائد.
إن ماميز قصيدة النثر عن قصيدة الأوزان الخليلية، وقصيدة التفعيلة، هو تعطيلها للأوزان العروضية وللتفعيلات كذلك، مستندة في ذلك إلى نظرية الإبداع وما أحدثته من تغييرات جذرية في إنتاج النص الأدبي . وفي هذا السياق يقول صلاح فضلا مبرزا الشكل التعبيري لهذه القصيدة : "تعمل قصيدة النثر على تعطيل المعامل الأساسي في التعبير الشعري وهو الأوزان العروضية، دون أن تشل بقية إمكانية التعبير في أبنيتها التخييلية والرمزية، ومن ثم فإن وضعها على الأعراف بين التعبير والتجديد يصبح ترجمة دقيقة لإستراتيجيتها الشعرية"
هكذا كان على منتجي هذا الشكل الشعري أن ينتجوا قصيدة "ما يبقيها في نطاق الشعر هو كفاءتها في تشغيل بقية درجات السلم ، تعويضا لتعطيل الدرجة الإيقاعية ، الأمر الذي يجعلها تتميز بدرجة عالية من الانحراف النحوي والكثافة والتشتت الناجم أساسا عن انفراط العقد الموسيقي ، ويجنح بها نحو منطقة التحرر الدلالي من أنماط التعبير المالوف"
وهو ما جعلها من جهة ثانية قادرة على إغفال الوزن -وهو الخاصية الأبرز في الشعر- من خارطة الشروط الضرورية والتحرر منه مع الإبقاء على جوهر الشعر المتجاوز للمستوى الصوتي الأول . أي الإبقاء على عمقه الإيقاعي واكتماله التخييلي وكثافته الشعورية
موقف النقد والجمهور من قصيدة النثر:
إن موقف النقد تجاه الشعر الحديث عموما، وقصيدة النثر على وجه الخصوص، ما زال متأثرا بأسباب الرفض الاجتماعي والثقافي السائد في مختلف الأوساط العربية، وقد استجاب أغلب النقاد لهذا الرفض، وبموازاة مع ذلك صاروا مؤيدين للنسق الشعري الموروث .
فهذه نازك الملائكة تقول : إن كتب قصيدة النثر نثر " مثل أي نثر آخر غير أنها تكتب على أغلفتها كلمة (شعر) ويفتح القارئ تلك الكتب متوهما أنه سيجد فيها قصائد مثل القصائد ، فيها الوزن والإيقاع والقافية ، غير أنه لا يجد من ذلك شيء وإن ما يطالعه في الكتاب نثرا اعتياديا مما يقرأ في كتب النثر" ولم تقف نازك عند هذا الحد بل وجهت الانتقاد كذلك إلى مجلة " شعر" اللبنانية نظرا لكونها أول من روج لهذا النوع من القصائد وأشارت إلى كون بعض الأدباء في لبنان يدعون اليوم إلى تسمية النثر شعرا مما أصدر" ضجيجا مستمرا لم يكن في مصلحة لا الأدب العربي ولا اللغة العربية ولا الأمة العربية نفسها "
وعموما فالسجال حول قصيدة النثر لم ينتهي في عالمنا العربي على الرغم من مرور أكثر من مئة سنة على انطلاقتها العالمية
أما رأي الجمهور فهو رأي المجتمعات العربية وهو مقسم بين موقف قبول وموقف رفض، ودائرة القبول هي المهيمنة ونجدها في البيئات الأدبية التي عرفت مرحلة تطور وظهور قصيدة النثر مند عصر جبران وصولا إلى جماعة "شعر" ففي هذه الدوائر تجد قصيدة النثر انفتاحا على جمهور الإبداع الشعري، وقبولا أدبيا ينمو ويتطور بفعل ما يشهده المشهد الأدبي من حراك مصدره الأزمات والأوضاع المتأزمة التي يعيشها الإنسان العربي، والتي أصبحت مساحة التعبير عنها تحتاج إلى تجريب مساحات أخرى في الإبداع لم تطؤها بعد الأقدام
تلكم إذن بعض النقط التي أمكننا جمعها حول هذا الشكل الشعري الذي لم يجد مكانته بعد بين مختلف الدارسين .
صلاح فضل، أساليب الشعرية المعاصرة، هيئة قصور الثقافة، القاهرة، 1996، ص 433. صلاح فضل ن المرجع السابق نص433.
- نفسه ،ص 434.
- نازك الملائكة ، قضايا الشعر المعاصر ، دار العلم للملايين ، ط1 1962 بيروت لبنان نص 213.
- نفسه ن ص 214.
- عبده وازن ، تعقيب على بحث تحولات اللغة الشعرية الجديدة ، نسخة مجانية توزع مع العدد 367 من سلسلة عالن المعرفة – سبتمبر 2009، ص123.
- محمد الأمين ولد مولاي براهيم ،قصيدة النثر :شعرية الشكل وجمالية التلقي ،مداخلة قدمت في مهرجان موريطانيا الشعري في دورته الأولى المقدمة في نواكشوط ، من 1إلى 4 فبراير 2009. | |
|